أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

البطارية المائية: تقنية مبتكرة لتخزين الطاقة بأمان وكفاءة

  في حال كنت تقرأ هذا المقال من هاتفك فإنك تحمل بين يديك بطارية ليثيوم أيون تمد هاتفك بالطاقة ليعمل. فماذا لو أخبرناك أنه ربما في المستقبل القريب سنستبدل هذه المادة بالماء، لتصبح البطارية المائية هي المسؤولة عن مد هاتفك بالطاقة!

يد شخص من الباحثين يرتدي قفاز أزرق مستعرضاً نموذج أولي للبطارية المائية الجديدة


 يشهد عصرنا الحالي تطوراً سريعاً ورهيباً في تطوير التكنولوجيا بشتى أنواعها بما فيها تقنيات الطاقة والابتكار البيئي. وضمن هذا المجال ظهر مؤخراً فريق بحث بقيادة جامعة RMIT وقدم نموذجاً أولياً لبطارية أيونية مائية. سمي بالبطارية المائية كحل واعد لتخزين الطاقة بشكل آمن واقتصادي أكثر من نظيراتها المتوفرة حالياً.

تعتمد تقنية هذه البطاريات على استبدال المواد الكيميائية في البطاريات التقليدية بالماء الممزوج ببعض الأملاح، مما يعني أننا أمام تقدم ثوري في مجال الطاقة.

عزيزي القارئ.. احضر فنجان قهوتك واسترخ. حيث نستعرض لك في هذا المقال مفهوم البطارية المائية وكيفية عملها ومميزاتها بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها وآفاقها المستقبلية.


آلية عمل البطارية المائية

تعتمد البطارية المائية على مبدأ بسيط ولكنه في الحقيقة مبتكر بحق! فهي تخزّن الطاقة من خلال تدفق الإلكترونات بين قطبيها باستخدام الماء كوسط ناقل للشحن. وذلك عوضاً عن استخدام إلكتروليتات عضوية خطرة مثل حمض الكبريتيك أو أملاح الليثيوم.

فيتم استخدام محلول مائي يحتوي على أملاح معينة قادرة على تحفيز حركة الشحنات. وتُستَخدم معادن مثل الزنك أو المغنيسيوم كأقطاب، حيث يعتبر الزنك أقل تكلفة وأكثر أماناً، بينما يوفر المغنيسيوم كثافة طاقة أعلى. وأيضاً قام الفريق القائم على العمل بوضع طلاء من البزموت على القطب السالب لمنع تكوُّن طبقة الزوائد الشوكية المعروفة باسم "الشجيرات المعدنية"، والتي قد تؤدي إلى قصر الدائرة الكهربائية داخل البطارية.

وبهذه الخطوات تعمل البطارية المائية بفعالية على استقبال الطاقة وتخزينها بضمان عدم التعرض لمخاطر التسرب الكيميائي أو الانفجار. مما يجعلها خياراً ممتازاً قد تتهافت عليه الشركات في ظل عصر التحديات البيئية والصناعية المتواجدين به.


المميزات التقنية لهذه البطارية

تتميز تقنية بطارية الماء هذه بعدة مزايا تجعلها محط أنظار لقطاع الطاقة والمستثمرين..

فأولاً: كما ذكرنا آنفاً تعتبر البطارية المائية أكثر أماناً لأنها تستخدم الماء بدلاً من المواد العضوية القابلة للاشتعال. وبالتالي تقلل مخاطر الحوادث والانفجارات التي تحدث بالفعل في البطاريات التقليدية.

ثانياً: تُعدُّ هذه البطارية خيار اقتصادي ممتاز؛ فالمعادن المستخدمة مثل الزنك والمغنيسيوم ذات تكلفة بسيطة جداً مقارنة بمواد البطاريات الحالية كالليثيوم. مما يعني أنها ستسهم في تخفيض تكاليف الإنتاج على المدى الطويل.

ثالثاً: تتميز البطارية المائية بقدرتها على التحمل، حيث احتفظت النماذج الأولية بأكثر من 85% من سعتها بعد 500 دورة شحن وتفريغ. وهذا الأداء المتميز يجعلها منافسة جديرة بالاهتمام في مجالات تخزين الطاقة. خاصةً في ظل الطلب المتزايدة إلى إيجاد حلول بيئية مستدامة لمواجهة مشاكل التخلص من نفايات البطاريات التقليدية. فقابليتها لإعادة التدوير تقلل من العبء البيئي المرتبط بالتخلص من البطاريات التقليدية، مما يعني توفير عناء اقتصادي وبيئي كبير.


التحديات والحلول المطروحة

على الرغم من المزايا العديدة التي ذكرناها إلا أن البطارية المائية تواجه بعض التحديات التي تتطلب حلولاً لا تتوفر حالياً. ولعل أبرز هذه التحديات هو مشكلة نمو التفرعات المعدنية (الشجيرات) على القطب السالب، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث قصر كهربائي داخل البطارية. ولكن للتغلب على هذه المشكلة قام الباحثون بتغليف القطب بطبقة من البزموت، سعياً في تكوين طبقة حماية تمنع نمو الشجيرات وتساهم في استقرار أداء البطارية.

كما يسعى العلماء إلى تحسين كثافة الطاقة في البطاريات المائية لتكون قادرة على منافسة البطاريات الليثيوم أيون. ففي التجارب الأولية تم ربط نموذج البطارية المائية بلوح شمسي لتشغيل ضوء شمسي قدرته تبلغ 45 واط. فاستمر الضوء في العمل لمدة 12 ساعة فقط بعد شحن البطارية. ولكن رغم أن نموذج هذه البطاريات حالياً ضيق النطاق؛ إلا أنه يبشّر بوجود إمكانية لتطبيق هذه التقنية على نطاق أوسع في المستقبل.

ومن جهة أخرى يعمل الباحثون حالياً على استبدال بعض المواد للحصول على أداء أفضل؛ فالمغنيسيوم مادة تتمتع بكثافة طاقة أعلى مقارنة بالزنك. وهو خيار بديل مطروح بشكل جدي ولكنه يتطلب إجراء المزيد من التجارب والتحسينات لضمان استقراره وأمان أداء البطارية

 ومن يدري.. التطور التكنولوجي لا يتوقف، ولعلنا نجد أنفسنا خلال 4 أو 5 سنوات قادمة متهافتين لشراء الماء على شكل بطاريات لهواتفنا!

فالبحث العلمي يقول أن هذه التقنية ليست مجرد بديل آمن للبطاريات التي تعتمد على الليثيوم. بل تمتاز أيضاً بأنها قابلة لإعادة التدوير وتوفر حلاً بيئياً مستداماً دون مخاطر الانفجار أو التسرب الكيميائي. أي أنها تأتي بمميزات تلبي طموح البشر في حياة تكنولوجية خضراء.

AYA BRIMO
AYA BRIMO
An electrical engineering student studying in the Department of Electrical Power Systems Engineering at Aleppo University Content Creator Working as CEO & EIC